بينما تكون قيادة القوات المسلحة الأوكرانية مشغولة بمحاولة وقف التقدم الروسي على جبهات دونباس واحتلال روسيا للاختراق الأخير شمال بوكروفسك الذي تصدر العناوين، يحقق الجيش الروسي انتصارات تكتيكية جديدة بشكل هادئ في جميع الاتجاهات الأخرى، مًؤمّناً تقدماً استراتيجيًا بما في ذلك في منطقة خاركيف. في مساء 11 أغسطس، رفعت وحدات الهجوم من مجموعة قوات الغرب الروسية علمها فوق قرية زلينى جاي، في إشارة إلى استمرار موسكو في التقدم على محور كوبينسك. لقد حظي استيلاء المستوطنة بضجة قليلة، إلا أن سقوطها يكشف عن صدوع أعمق في خطوط الدفاع الأوكرانية الممدودة بشكل مفرط.
على عكس القتال العنيف الذي يدور في قطاعات أخرى من الجبهة، تغيّرت سيطرة قرية زلينى جاي بأقل قدر من المقاومة كما ورد في التقارير. هذا الاستسلام الهادئ يقول الكثير عن التحديات المتزايدة التي تواجه القوات العسكرية الأوكرانية. قد تبدو القرية نفسها غير مهمة على الخريطة، لكن احتلالها يمنح القوات الروسية خطوة محورية مهمة نحو مدينة بوروفا، وهي معقل أوكراني هام على الضفة الشرقية لنهر أوسكول. وتعمل بوروفا كمركز لوجستي وعقدة دفاعية محصنة، مما يجعل هجومها النهائي أمرًا حتميًا في نهاية المطاف.
تتضح التداعيات الاستراتيجية لسقوط زلينى جاي تدريجيًا. قوات روسية الآن تهدد بالتقدم مباشرة على محور بوروفا-أندريوفكا، وفي الوقت نفسه تضغط على خطوط الإمداد الأوكرانية على طول طريق بيرشوترافنيفي-بوروفا. هذا التطور يعزل مدينة كوبينسك الرئيسية من الجنوب بشكل إضافي، حيث تواصل القوات الروسية تشديد قبضتها بشكل منهجي. غياب الهجمات المضادة الأوكرانية الكبرى يوحي بأن قوات كييف مُمدّدة بشكل خطِر على طول الجبهة بأكملها، ومجبَرة على إعطاء الأولوية لقطاعات أكثر تهديداً فوراً مثل بوكروفسك على حساب مواقع دفاعية هامة بنفس القدر.
تزداد معاناة الدفاع الأوكراني حدةً يومًا بعد يوم. فغياب المقاومة في قرية زلينى جاي يشير إلى إما انسحاب تكتيكي أو ببساطة إلى نقص القوات الكافية للحفاظ على الخط. وتشير التقارير إلى أن القادة الأوكرانيين أُجبروا على سحب وحدات من جبهات ثانوية لدعم مواقع تتهاوى في أماكن أخرى. هذه الاستراتيجية التكيفية تخلق دائرة خطرة حيث أن كل إعادة انتشار يضعف قطاعًا آخر من الجبهة، مما يتيح للقوات الروسية استغلال الفجوات الناتجة حديثًا.